تأسس في 22 مايو 2012م
ثقافة الهزيمة
2023-11-22 | منذ 5 شهر    قراءة: 197
مفيد الحالمي
مفيد الحالمي

انتهى بي المطاف اليوم إلى (الطيرمانة) الخاصة بصديقي العزيز خالد الجبلي .. وهو المكان المخصص في فلته الأنيقة بصنعاء لاستقبالنا لغرض مشاهدة مباريات كرة القدم -الهامة منها على وجه الخصوص.

لكن الواقع هذه المرة أن (الطيرمانة) لم تكُ مكتظة بالأصدقاء على غير المعتاد .. بل بدا المكان الجميل خاليًا إلا من الضيف الذي لم يكن إلا أنا والمضيف الذي لم يكن إلا د.

 

خالد .. فضلاً عن بعض الأقارب. ➰ والحقيقة أني كنتُ قد تركتُ العديد من الوجهات الأخرى والأعمال الهامة التي كانت تقتضي مني الذهاب لانجازها .. لكني آثرت المجيء إلى هنا بسبب أن ثقافتي النمطية مازالت متوقفة عند ذلك الاعتقاد الذي يرى بأن خوض منتخب كرة القدم الوطني لبلادنا أو لأي بلد آخر لقاءً دولياً سيجمعه بمنتخب دولة أخرى يمثل بالضرورة حدثاً وطنياً على قدر كبير من الأهمية التي تجعل منه الحدث الأبرز على الإطلاق الذي يطغى على كافة الأحداث الأخرى -سواءً العامة منها أو الخاصة .. بل يصل الأمر أن تتوحد بسبب هذا الحدث كل الأطياف والألوان التي ينتمي إليها أبناء جلدة هذا البلد أو ذاك (من السياسي، إلى الطبيب ،إلى المهندس، إلى كافة شرائح الشعب) .. ليغدو الكل رياضيًا وليغدو الكل وطنيًا (أو هكذا تشعر الشعوب) .. على الأقل خلال التسعين الدقيقة التي تنصرف فيها العيون والقلوب إلى الشاشة التلفزيونية كما هو حالي اليوم.

 

لكن الغريب في الأمر والجدير بالحزن أن هذا لم يك سوى لسان حالي فحسب إزاء المباراة التي كان من المقرر أن يخوضها اليوم منتخبنا الوطني لكرة القدم أمام نظيره النيبالي .. حيث كان لسان حال الجميع على خلاف ذلك، إبتداءً من د.

 

خالد الذي استغرب من مكالمتي له بشأن مباراة منتخبنا!! تماماً بنفس القدر اللا محدود الذي استغربت أنا من تصريحه بعدم وجود أحد سيأتي لمشاهدة المباراة (كما كان متخيلًا لدي)!! .. ولربما أنه بعد ذلك أشفق على حماستي من أن تذهب أدراج الخيبة حينما أصر على حضوري لمشاهدة المباراة بمعيته فحسب.

وهذا ما حدث للأسف. ➰ والسؤال الذي يطرحه نفسه هنا: هل تعلمون لماذا لا أحد مكترث بمباراة المنتخب الوطني؟؟ .. وهو اللا اكتراث الذي يصل إلى حد عدم العلم!!. فالبعض لا يعلم .. والبعض الآخر يعلم ولكنه لا يريد أن يعلم .. والبعض الأخير يعلم (بالمباراة) لكنه يعلم (بالنتيجة المؤسفة).

ورغم أن حظوظ منتخب اليمن بالفوز في هذه المباراة يفترض أنها مرتفعة إن لم تكن محسومة .. بيد أن ذلك لم يعد ذو جدوى ولم يعد له أدنى دور في استنهاض التفاعل الشعبي والجماهيري مع المنتخب الوطني.

وذلك بسبب استشراء ثقافة الهزيمة التي من المؤكد أنها قد أخذت من الجمهور اليمني مأخذاً عظيماً وذهبت به بعيداً حد العزوف الغريب عن متابعة مباريات منتخبه الوطني من جراء الهزائم المتلاحقة الذي ما أنفك يحصدها بشكلٍ شكل هزيمة نفسية ومعنوية عميقة في الثقافة الجمعية لليمنيين حد كراهتهم للرياضة لاسيما عندما يتعلق الأمر بمنتخبهم الوطني.

ولعل ما زاد من ترسيخ هذه الثقافة السلبية المحزنة هو أن معظم الهزائم التي يُمنى بالمنتخب الكروي الوطني تحدث بدون داع لحدوثها أي بدون تفوق في الأداء أو فارق مهاري واضح لصالح المنتخب الخصم .. وأنما فقط لأن منتخبنا للأسف هو (منتخب بلا شخصية) بمعنى أن أداء لاعبينا لا يفتقر إلى المهارة بقدر ما يفتقر إلى الثقة بالنفس .. وشيء من علو الهمة. لذلك مهما بدا التفوق لصالح منتخبنا في مجمل المباراة أو المباريات .. لكن الغلبة غالباً ما تكون لصالح الفريق الخصم الذي يحرز الفوز من خلال الأهداف التي تأتِ من أخطاء غريبة يقترفها لاعبين يمتلكون كل مهارات كرة القدم عدا الثقة بالنفس. ???? عمومًا: لقد فاز منتخبنا اليمني على المنتخب النيبالي .. لكن ذلك لم يغير شيئاً من ثقافة الهزيمة التي باتت معشعشة على النفسية اليمنية التي باتت تؤمن أن الهزيمة هي القاعدة أما الفوز فليس سوى استثناء .. لاسيما إذا كان الفوز على منتخب كمنتخب النيبال الذي لا يمثل الفوز عليه أي مقياس يمكن أن يعبر عن تطور مستوى المنتخب بما يؤكد قدرته على محو ما تراكم من ترسبات الحصيلة الإجمالية لذكرى الهزائم السابقة وقدرته على الخلاص من الهزائم اللاحقة.



مقالات أخرى للكاتب

  • مارادونا ... موت مارادونا .. هو موت لجيل بأكمله

  • التعليقات

    إضافة تعليق