تأسس في 22 مايو 2012م
مارادونا ... موت مارادونا .. هو موت لجيل بأكمله
2020-11-30 | منذ 3 سنة    قراءة: 923
مفيد الحالمي
مفيد الحالمي

 

موت لجيل برمته جايل هذا الأسطورة الكروية المنقطعة النظير. إذ لم تقف نجومية مارادونا ومستواه الكروي عند حدود النجومية المعتادة في أقصى آفاقها .. بل تعدى ذلك بكثير ليتحول إلى أسطورة ليست عالمية فحسب، في وقتها الراهن، بل تاريخية.

 قبل مارادونا وبعده شهدت الملاعب الكروية العديد من النجوم أمثال بيليه وبلاتيني وباجيو وفان باستن ورونالدو وميسي الذي يلعب بطريقة البلاستيشن .. لكن لم تشهد الملاعب نجماً بحجم مارادونا.

ولم يلعب أحد كرة القدم بطريقة مارادونا. ولم يشغل العالم أحد .. كما شغله مارادونا. ولم يردد العالم إسم أحد .. كما ردد العالم إسم مارادونا. ولم يحقق أحد شهرة .. كما حققها مارادونا. لا رياضي، ولا فنان، ولا مخترع، ولا أديب، ولا حتى رئيس دولة. لم، ولم، ولم. لم يك مارادونا مجرد لاعب أو نجم كرة القدم .. بل كان ظاهرةً كروية مدهشة جديرة بالدراسة والتأمل. لم يك مارادونا مجرد نجم كرة قدم .. بل كان نجم الكرة الأرضية على الإطلاق.

 الجماهير التي خرجت اليوم في شتى مدائن العالم، وليس في بيونس آيرس فقط، لتنعي وفاة مارادونا .. إنما خرجت لتنعي نفسها. لتنعي وفاة نجم أسطوري لطالما أمتعها.

ولطالما صنع لها الفرح العظيم .. لذلك أستحق منها هذا الحزن العظيم الذي يملأ العالم اليوم.  مارادونا .. حكاية إبداع كروي خالد ستظل ترويها الأجيال تلو الأجيال. 

كانوا إذا أرادوا إختيار أفضل لاعب في العالم .. أخرجوا مارادونا من المقارنة .. لأنه ليس مجرد أفضل لاعب بل أسطورة .. ليس مجرد أفضل لاعب في العالم بل أفضل لاعب في التاريخ.  كانوا إذا أرادوا السخرية من شخص قالوا له: (يزعم أنك مارادونا) .. وإذا أرادوا مدحه قالوا له كلمة واحدة فقط؛ (يا مارادونا).

بالمناسبة أتذكر أن الدكتور الشاعر عبدالمعين المضرحي نعتني ذات منشور فيسبوكي بلقب (مارادونا الكلمات) .. فأضحكني وأسعدني هذا الوصف لأني أدرك ويدرك العالم برمته من هو مارادونا. 

حينما انضم إلى نادي نابولي أصبحت مدينة نابولي أشهر مدينة في العالم وأصبح ناديها أقوى ناد في العالم .. وحينما غادر مارادونا أصبحت نابولي نسياً منسيا. 

حينما ارتدى مارادونا الرقم 10 .. تسابق كل لاعبي العالم على الظفر بهذا الرقم حتى بات مرتبطاً بأفضل لاعب في كل فريق. 

ملأت صوره كل المحلات، والمنازل، والبوفيات، والمطاعم والأماكن في كل أنحاء العالم. 

حتى بعد أن أعتزل الملاعب .. كان يستقبل في كل دولة يصل إليها استقبال الرؤوساء من الناحية الرسمية .. ومن الناحية الشعبية ليس الرؤوساء شيئاً حياله. 

حتى بعد اعتزاله بسنوات عديدة .. لم يستطع أن يحظى بلحظة راحة واحدة بعيداً عن الأضواء وكاميرات المصورين الذين لبثوا يطاردونه في كل مكان يذهب إليه .. حتى إذا أطل برأسه من شرفة منزله التقطوا له وابلاً من الصور .. ولعل من المواقف الطريفة أنه هرب ذات مرة بشكل سري إلى جزيرةٍ لاتينية بغرض أخذ قسط من الراحة وحينما أراد تناول الطعام في المطعم بمعية عائلته فوجىء بالمصور يمطره بالصور فما كان منه إلا أن وجه بندق الصيد نحو المصور خارجاً عن طوره. 

اذا كانت الرياضة هي لغة عالمية يفهمها الحميع .. فإن مارادونا هو أبرز تجسيدات عالمية هذه اللغة. 

في تصوري .. لقد كان مارادونا شكل رائع من أشكال الحياة الايجابية .. بيد أن الموت لا مناص منه .. الموت لا يفرق بين من مارادونا و (مادونا).

لذلك فإن مارادونا الذي هزم جميع الناس .. هزمه هادم اللذات. 



مقالات أخرى للكاتب

  • ثقافة الهزيمة

  • التعليقات

    إضافة تعليق