تأسس في 22 مايو 2012م

نجوم تحت خط الفقر - النصيحة التي أنقذت فيرمينو من بيع المياه

جول
2019-03-21 | منذ 5 سنة

لأنها لعبة الفقراء، الفرصة تبدو مكفولة وسانحة للجميع، من أجل النجاح والوصول للمجد والشهرة والأموال وكل ما يحلم به أحد.
لو كنا نعيش في عالم مثالي لكانت الموهبة وحدها تكفي، للأسف الأمور تبدو أصعب من ذلك بكثير، المهمة ليست سهلة ومليئة بالمصاعب.

تاريخ اللعبة يحمل العديد من قصص الكفاح، تؤكد أن الموهبة لا تعني أي شيء بدون مثابرة وإصرار وإرادة.

الخروج من المنزل
ولد روبرتو فيرمينو بمدينة ماسايو على الساحل الشرقي للبرازيل، تعدادها يصل إلى 996 ألف نسمة وسط إمكانيات محدودة.

سيسيرا باربوسا دي أوليفييرا، والدة نجم ليفربول الحالي، أكدت أنها كانت تحرص على عدم خروجه كثيراً للشارع.

المنطقة التي عاش فيها البرازيلي كانت مليئة بالعناصر الإجرامية، لذا خشت ان ينخرط معهم ويصبح واحداً منهم.

لم تكن تسمح له بالخروج إلا من أجل اللحاق بوالده خوزيه روبرتو كوديرو، للعمل معه في بيع الماء بشوارع المدينة.

تمرد على الواقع

فيرمينو لم يقتنع بالأموال الضئيلة التي كان يجنيها رفقة والده من بيع المياه، المجد يطارد ذهنه ولا بديل عن تحقيق حلمه.

الطفل الصغير كان يتسلل من سور المنزل، باستخدام مفتاحه الخاص من أجل عبور البوابات، والحصول على حريته لممارسة كرة القدم.

تقول والدته:"كان يستقيظ في وقت مبكر جداً أثناء نومي للعب الكرة، كنت أسمع صوت قفزه من فوق الحائط من أجل الهروب".

نصيحة ثمينة

اقتنع والدي فيرمينو أن حبسه في المنزل لن يجعل منه شخضاً ناجحاً، حيث استمعا لنصيحة الجيران:"دعوه يذهب ليلعب الكرة لقد ولد بهذه الموهبة، إنها فرصتنا جميعاً للهروب من هذا الفقر".

وبالفعل حصل الطفل البالغ من العمر 8 سنوات فقط على حريته، ليمارس اللعبة في الشارع ويعود للمنزل محتضناً الكرة بعد كل معركة يخوضها في الملعب.

التدريب نفسه لم يكن بالمجان، إمكانية اللعب للنادي المحلي "CRB" لم تكن سهلة، واحتاج لاقتراض الأموال للحصول فقط على الفرصة.

لويز جوليرمي المدير الفني لهذا الفريق المتواضع يقول:"عائلته كانت فقيرة ومتواضعة جداً، كان يأتي حافي القدمين، والده فقد عمله واتجه لبيع المياه، لذلك تحملت أنا مصاريف تنقله".

وأضاف:"أخذته معي في جميع المباريات واشتريت له زي الفريق، كان شاباً طويلاً هادئاً، عكس الأطفال في كل مكان حولنا يتورطون في متاجرة المخدرات وسرقة السيارات".

أدريانا ليتي معلمته السابقة قالت عنه:"كان يحلم أن يصبح لاعباً عظيماً، دائم الحديث عن كرة القدم بدون توقف، يوماً ما قال لي منزلنا لا يوجد به أي شيء، ولا طعام أو كهرباء فقط مياه، لازلت أتذكر هذه المحادثة".

بداية الحلم

في سن السادسة عشر بدأت الصورة تتضح بشكل أكبر لدى الشاب النحيف، عندما لعب بنادي تومبينسي، الذي يبعد 1600 ميل عن منزله.

المسافة اقتربت بعد إرساله للإعارة بنادي فيجورينسي على بُعد ألف ميل فقط بدوري الدرجة الثانية البرازيلية.

فيرمينو كان يشعر بالغربة، ووالدته بدأت تقلق والضغوط ازدادت، لتظهر الشكوك حول جدية الأمر من الأساس.

والدته تابعت:"كان يتصل بي كثيراً يقول لي، أمي أريد العودة للمنزل لا يمكنني التحمل أكثر من ذلك، كلنا كنا في حالة بكاء ولم يكن معنا المال لإعادته مرة أخرى للمدينة".

المعجزة

لم يكن أمامه أي خيار سوى الصبر، وربما الانتظار لاختيارين ..بضعة أشهر والعودة لمنزله أو معجزة تُغير مسار حياته.

وضع كل ما لديه في الملعب مع فريقه فيجورينسي، طمحاً في فرصة تنتشله من حالة الغموض والحنين للأهل التي يعيشها.

وبالفعل شاهد أحد الكشافين الألمان فيرمينو، وأعجب بمستوياته في العديد من المباريات التي لعبها مع الفريق البرازيلي.

الحنين للبلدة والأهل تحول لحماس منقطع النظير نحو الابتعاد أكثر والانتقال لأوروبا في سن السادسة عشر،  ليقول وقتها:"عائلتي لن تضطر للعمل مرة أخرى".

حياة جديدة

يناير 2011 كان الشهر الأسعد في حياة فيرمينو، حيث انتقل إلى هوفنهايم بصفقة وصلت إلى 3.60 مليون جنيه إسترليني فقط.

اصطحب والده ووالدته معه إلى ألمانيا، لأنه كان يعني لهما الكثير والحياة لا تعني أي شيء بدونه.

رحلته في ألمانيا سارت بشكل ولا أفضل، وشق طريقه الطبيعي نحو الشهرة بعدما حصل على الفرصة العادلة ليفرض موهبته بعد رحله من الكفاح، ليثبت أنه استحق كل ما وصل له.

لعب 153 مباراة سجل خلالها 49 هدف وصنع 36، معظمها في مركز صانع الألعاب، لكنه أيضاً لعب كجناح ومهاجم ثاني.

صفقات فيرمينو الشخصية انعكست بشكل طبيعي على صفاته في الملعب، مشاغب لا يعرف اليأس، ولا يمانع اللعب في أي مركز طالما الهدف واحد وهو خدمة فريقه.

الحلم الأكبر

اللعب في الدوري الألماني لم يكن سوى خطوة لفيرمينو نحو المحطة الأهم، وهي الانتقال للدوري الإنجليزي ليصبح أحد البرازيلين القلائل الذين نجحوا في تلك البطولة.

فيرمينو انتقل لليفربول في 2015 بحوالي 37 مليون جنيه إسترليني، وهو واحداً من أفضل لاعبي الوسط المهاجمين في العالم.

البداية لم يكن كما تمناها البرازيلي مع المدرب بريندان رودجرز، لكن الوضع اختلف تماماً مع يورجن كلوب لينتقل لمركز المهاجم الصريح ويسطع به، ليتحقق الحلم أخيراً ويُثبت الطفل البرازيلي أقدامه على القمة ويؤكد انه احتاج فقط للحرية والخروج من المنزل.


آخر الأخبار