تأسس في 22 مايو 2012م
البرازيل تبحث في ما وراء الطبيعة!
2014-07-10 | منذ 10 سنة    قراءة: 1778
 اسامة الشيخ
اسامة الشيخ
وكأنه يوم لم يطلع له نهار.. إنه أغرب أيام وسنين وعقود كرة القدم على الإطلاق، لا قبله مثيل وربما لن يكون بعده شبيه..
كتبت قبيل اللقاء أن التاريخ حتى هذه المباراة ليس في صالح الألمان كما أنه ليس في صالح الهولنديين.. فماذا حدث في بيلو هوريزونتي؟!.. التاريخ أعاد كتابة نفسه من جديد تماماً، انتقل من جانب إلى آخر بمنتهى القسوة التي تصل إلى درجة الوحشية.. فقد جرد البرازيليين من كل شيء، وفي المقابل منح الألمان كل شيء..

وحتى نكون على قدر من الدقة نقول إن شيئاً واحداً لم يتأثر بما حدث في مباراة البرازيل وألمانيا، وهو عدد مرات فوز كل من البرازيل وألمانيا بكأس العالم.. وربما كان هذا ما ينقصها لتكتمل قائمة الأرقام التي هوت، وعلى قسوتها تحطمت قلوب البرازيليين وعشاق السامبا. هناك أشياء كثيرة غير مفهومة في هذا اللقاء، وأبرزها على الإطلاق هو كيف سجل الألمان في مرمى البرازيل أربعة أهداف في ست دقائق..؟!

كل شيء يمكن تبريره فنياً وتكتيكياً وذهنياً ونفسياً وإلى غير ذلك، لكن أربعة أهداف ألمانية في مرمى البرازيل ما بين الدقيقتين (23 و29) وفي مباراة نصف نهائي لكأس العالم، فهذا أمر يصعب تصديقه.. وحتى لو جرى التفسير بطريقة أن هناك انهياراً حدث في صفوف البرازيليين بعد الهدف الثاني، الذي هو أول أهداف رباعية الدقائق الست، أو أن الألمان استغلوا حال الانهيار هذه، أو.. أو.. أو... فكل هذا لا يكفي ليحدث ما حدث وبترتيب بالغ التعقيد..!

حتى الهدف الثاني يسجله كلوزه، جاء لينال به رونالدو هداف البرازيل التاريخي الجالس في المدرجات من الحب جانباً، بعد أن ألقاه كلوزه هو وأهدافه الـ15 خلفه..! نعم، ألمانيا عندما سجلت رباعيتها «المضغوطة» كانت حينها تقدم أداءً جيداً، وكانت بلا شك أفضل من البرازيل، لكنه لم يكن أداءً استثنائياً للدرجة التي تمنحها أربعة أهداف في ست دقائق..! حتى لاعبو ألمانيا أصابهم الارتباك بعض الشيء مع توالي الأهداف، فبعد الدقيقة 29 عقب تسجيل الهدف الخامس، كانوا هم كذلك غير مستوعبين وغير مصدقين لما يحدث، فتوقفوا عن الهجوم فجأة بلا أي مبرر فني ولا نفسي، وأمامهم فريق منهار ومرمى مفتوح.. لا شك أنهم في لحظتها خجلوا مما فعلوه بالبرازيليين ومن دموعهم التي سالت أنهاراً..

قبل المباراة تساءلنا من سيدخل التاريخ كلوزه أم سكولاري؟!.. فها هو كلوزه يدخل التاريخ ويجر معه سكولاري من رقبته، ومعهما بطولة كأس العالم بأسرها.. عقب المباراة خرجت إلى الشارع لأجد الصدمة بالغة، لا تقل عما كانت عليه في الملعب، وإذا كنت أنا مصدوماً والألمان غير مصدقين، فكيف سيكون حال البرازيليين سوى نوبات البكاء أو الضحك على طريقة من فقد عقله، لدرجة أن بعضهم راح يطلق بوقه الذي يحمله كما لو كان الفائز هو البرازيل.. وبعدها يجلس ليبكي..!

على مدار ساعات الليل عقب المباراة عكفت كل المحطات التلفزيونية واستوديوهاتها تبحث في ذهول عن تفسير لما حدث، من دون أن تصل إلى شيء، إذ رأوا أن غياب نيمار وتياغو سيلفا ليس سبباً كافياً، وحتى أخطاء المدافعين في الملعب وسكولاري خارجه، ومع الأخذ في الاعتبار أفضلية الألمان، كل هذه العوامل مجتمعة لا تبرر فوز ألمانيا (1/7).. في النهاية ألمحوا إلى أنه قد تكون هناك أسباب أخرى وأشياء لها علاقة بالفلك أو بالظواهر الخارقة غير الطبيعية..! شعرت وكأنهم يلمحون إليّ، وقد وصلت إلى البرازيل مع ساعات فجر هذا اليوم الذي غيّر تاريخ كرة القدم..!

لكن لا.. لن أدع لمثل هذه الأمور أن تخيّم على رأسي.. فالرحلة كانت كاملة العدد.. أي لست الوحيد الذي وصل إلى البرازيل في هذا اليوم الذي لا ولن يُنسى..!

لكنني الآن تذكرت شيئاً مهماً للغاية، إذ وصل معي إلى البرازيل على الطائرة نفسها مدرب منتخب سبق له أن خسر (7/1) في إحدى بطولات كأس العالم..! يمكن هو؟!.. لا.. لا..

المهم أن البرازيليين «عايزين حد يفهّمهم..» ماذا حدث..؟!

** نقلا عن جريدة "الحياة" اللندنية


مقالات أخرى للكاتب

  • كأس "عالم" لا نعرفه..!

  • التعليقات

    إضافة تعليق