أحمد راضي.... أيقونة الكرة العراقية

 احمد راضي

 كنت في الثامنة من عمري حينما بدأت أقتح نوافذ الوعي على الحياة .. وكان أول ما وعيته في هذه الحياة هو أن ثمة لعبة شهيرة لها جمهور عالمي من أقصى الكرة الأرضية إلى أقصاها تدعى (كرة القدم) التي بلغ شغفي بها حد الهوس.

وكان أول ما وعيته في كرة القدم هو شغفي بالكرة العراقية التي كانت تحصد الألقاب آنذاك من كل صوب وحدب حتى كادت تحتكر كافة البطولات الكروية ..

بل كاد الفريق العراقي يكون هو البطل المحسوم مسبقاً لأي بطولة تقام.

فبطل كأس الخليج هو المنتخب العراقي،  وبطل كأس آسيا هو المنتخب العراقي ، وبطل كأس العرب هو المنتخب العراقي ، وبطل تصفيات كأس العالم هو المنتخب العراقي ، وبطل الكأس الأفروسيوية هو المنتخب العراقي ، وبطل بطولات الناشئين هو العراق ، وبطل بطولات الشباب هو العراق ، وبطل بطولة الأندية العربية هو الرشيد العراقي .

وفي كل بطولة بطل الكأس العراق، والمنتخب المثالي العراق، وهداف البطولة من العراق ، وأفضل لاعب العراق ، وأفضل حارس العراق ، وأفضل دفاع العراق ، واللاعب المثالي العراق .

كانت الكرة العراقية ظاهرة كروية غريبة وطوفان رياضيي عاصف لا يبقي ولا يذر.

وأهم ما كان في الكرة العراقية فضلاً عن سحرها الكروي البديع هو أن كان فيها ثمة روح جميلة تجبرك أن تحبها رغماً عن أنفك بكل طواعية .

لدرجة أنه كان من المدهش أن الجمهور اليمني كان يشجع المنتخب العراقي من تشجيعه للمنتخب الوطني اليمني نفسه.

على أن أبرز ما كنا نشجعه في المنتخب العراقي والكرة العراقية هو نجم النجوم وهداف آسيا الساحر أحمد راضي .

الذي كان يذهلنا بطريقة لعبه، وبطريقة إحرازه للأهداف بشكل أسطوري خالد. نعم أحمد راضي .. لم يك نحماً عابراً كسائر النجوم .

بل أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه أسطورة كروية لن تتكرر. ولولا أنه عربي .. ولولا الحروب التي تهطل لتدمر بلداننا العربية لكان لأحمد راضي أكثر بكثير مما كان.

لن أقول لكان في مضاف العالمية .. لأنه قد وصل العالمية وأحرز في كأس العالم وغازلته أقوى أندية أوريا والعالم.

كان أحمد راضي أفضل من يحرز بالرأس .. وكان أفضل من يحرز من الضربات الحرة غير المباشرة .

وكان أفضل من يراوغ بطريقة تثير إعجاب الجميع حد الذهول المقترن بالضحك .

أما الدبل كيك فلم تعرف الملاعب أحداً يتقنها مثلما فعل أحمد راضي ، كان يلعب وكأننا نلعب معه ، نرواغ بساقيه ونحرز بأقدامه التي كانت متخصصة بصنع الانتصارات تلو الانتصارات.

أحمد راضي لا يدرك أني أحببت الرقم 8 لأجله .. وكنت أرفض أن أرتدي في أي مباراة غير الرقم 8 .. والويل لمن ينازعني عليه.

كنت أحب أن يلقبني الآخرين ب(أحمد راضي) .. وبالمناسبة في حالة أحمد راضي لست بحاجة أن تقول النجم أحمد راضي .. فبمجرد أن تقول أخمد راضي فهي معناها النحم، الساحر، المدهش، الأنيق، الأسطورة.

أحمد راضي لا يدري أني وأنا في الصف الثالث الإبتدائي سرقت من غرفة نوم أبي مبلغاً مالياً وجمعت الأطفال في الحارة واصطحبنا معنا شخصاً كبيرًا أخذنا إلى محل شراء الملابس الرياضية حيث اشتريت (بالمبلغ المسروق) فنائل رياضية موحدة لفريق الحارة .

وليس هذا فحسب هو الجدير بالذكر بل الجدير بالسرد أني توجهت بهم بعد ذلك إلى الخطاط وسلمنا له ما تبقى من المال المسروق مقابل أن يخط لنا على الفنائل الرياضية عبارة فريق أحمد راضي. هل ترون إلى أين بلغ بنا الشغف بهذا النجم بل أكاد أجزم أنه أسطورة .. أنا مسؤول عن كلامي ولم أتعود أن أقول كلاماً لست مسؤولاً عنه.

كنت أخط إسم أحمد راضي على كل الجدران التي تواجهني .. قبل أن يتشكل لدي الوعي البيئي المستمد من أغنية (شخبط شخابيط).

كانت أجمل المجلات التي تقع عليها عيني هي تلك التي تتضمن صورة أحمد راضي.

كبر الطفل الذي كان مهووساً بأحمد راضي الذي بدوره اضطرته الحرب أن يستقر في دولة قطر التي تبنته بكل لهفه لأنها تدرك من هو أحمد راضي ..

وهناك بات لاعباً ومدرباً ومحللاً رياضياً في القنوات الرياضية. والحقيقة أن دولة قطر ???????? تستحق كل الشكر وكامل الإمتنان لموقفها العروبي النبيل مع نجم الكرة العربية المطلق .. وهو الموقف الذي وصل ذروة سنامه في مهرجان اعتزاله حيث نظمت قطر لأحمد راضي مهرجان اعتزال عالمي يليق بمكانته الكروية حيث حضر حفل الاعتزال أشهر نحوم العالم.

وقبل الاعتزال دعوني أخبركم أني ذات مرة في الولايات المتحدة ???????? وأنا أقف بالمصادفة قبالة التلفاز الذي كان يبث مباراة من الدوري القطري .

شاهدت لاعباً في منتصف الملعب يركل الكرة صوب المرة بطريقة خيالية لم أعهدها منذ زمن غير قريب.

فقلت مدهوشاً: - هذا الأسلوب الخيالي لم يكن يتقنه سوى أحمد راضي .

لم يخطر على بالي قط أنه هو ولا غيره ، وما هي إلا هنيهات حتى سمعت المعلق يقول هذا النجم العراقي الشهير أحمد راضي واكتمل الذهول لدي بتقريب صورته على شاشة التلفاز التي لم يزينها أحد مثلما زينها أحمد راضي. ولم يسعد الجماهير العربية أحد مثلما أسعدها أحمد راضي. وعلى قدر مساحة السعادة التي منحها لنا أحمد راضي .. كان حزننا عليه حينما حملت لنا الأخبار المفزعة خبر وفاته متأثراً بوباء كورونا حاربه الله. حتى أحمد راضي يا كورونا لم تترك له حاله .. قاتلك الله أيه القاتل الأثيم.

وهكذا بحروف تخطها دماء القلب ودموع الروح .. رحل أحمد.راضي وهو لا يعلم ماذا كان يعني لي (ولأبناء جيلي) مذ بدأت الوعي بالحياة التي لم تك بالنسبة لي سوى كرة القدم والتي بدورها لم تك لي سوى أحمد راضي. . . ???? مفيد الحالمي


الرياضي نت
https://alriadi.com

رابط المقال
https://alriadi.com/articles-795.html


تمت طباعة المقال بتاريخ 2024-04-18 07:04:00