تأسس في 22 مايو 2012م
أنثى اليمن ولعبة العنف
2014-05-10 | منذ 10 سنة    قراءة: 2754
 نشوان دحان
نشوان دحان
كحال كثير من المجتمعات العربية المحافظة، لاتزال رياضة المرأة في اليمن محكومة بكثير من القيود والممنوعات التي تقف عائقاً أمام النهوض بها وتطورها.
لم يستسغ كثيرون حتى اليوم فكرة أن تمارس الفتاة اليمنية ألعاباً كالسلة أو الطائرة أو اليد أو الطاولة أو القوى، رغم كونها لا تستدعي احتكاكاً مباشراً، وبالإمكان أن تلعب في أماكن وصالات مغلقة، فكيف بنا حينما نتحدث عن ألعاب قتالية كالجودو والمصارعة والتايكواندو وغيرها، تتطلب قوة كبيرة لممارسيها خلافاً للطبيعة الرقيقة للأنثى، وتستدعي عادةً الاحتكاك أثناء التمارين بصورة مباشرة.
ما يحسب لسيدات اليمن حقاً، أنهن استطعن بقوة الإرادة التمرد على قيود المجتمع المنغلق، واقتحام أسوار بعض الألعاب القتالية التي كانت حتى الأمس القريب حكراً على الرجل دون المرأة، ليحققن السبق في هذا المجال على نظيراتهن في دول الجوار اللواتي لم ولن يتجرأن حتى اللحظة على مثل هكذا خطوة.
في البطولة العربية لسيدات الجودو التي أقيمت مؤخراً في مدينة شرم الشيخ المصرية كانت الدهشة حاضرة حينما سجلت دولة الإمارات العربية الشقيقة تواجدها إلى جانب بلادنا كممثلتين وحيدتين لشبه الجزيرة العربية في هذه البطولة التي شهدت مشاركة 6 دول من بين 22 دولة عربية.
حضرت الإمارات بلاعبة واحدة فقط كي تسجل اسمها كدولة منفتحة تؤمن بحق فتياتها في ممارسة لعبة قتالية كالجودو، غير أن معالم المفاجأة تبددت سريعاً بعدما اتضح أن اللاعبة هي في الأصل يمنية تحمل الجنسية الإماراتية، جاءت فقط لتؤكد أن الأنثى اليمنية أقوى من أن تستسلم لقيود المجتمع حينما يلامس الأمر حريتها وقناعاتها الشخصية، حتى وإن شاركت باسم بلد آخر.
صحيح أن فتياتنا لم يحققن أي إنجاز في هذه البطولة عدا تسجيل اسم اليمن في قائمة الحضور الشرفي للمشاركين في هذا المحفل العربي لأنهن بالكاد وضعن أقدامهن على أول السلم، ومن المجحف أن نطالبهن بخطف التفوق من نظيراتهن الشمال أفريقيات، اللواتي يمتلكن كل مقومات التفوق. لا تقولوا لي إن الشباب استطاعوا تحقيق ذلك لأن قناعتي بأن الشاب اليمني تفوق فعلاً نتيجة امتلاكه ممكنات التفوق من حيث إمكانية التدرب مع من هم أكثر قوة وبما يمكنه من اكتساب الخبرة والقوة المطلوبة.
يكفي أن نعرف أن لاعبات دول شمال أفريقيا ورغم دخول هذه اللعبة في بلدانهم منذ عقود طويلة إلا أنه ما كان لهن أن يتفوقن ويظهرن بهذا المستوى القوي دون إجراء تمارين مشتركة مع الشباب الأكثر قوة بطبيعة الحال منهن، ما أكسبهن قوة إضافية وخبرة أكبر في هذا المجال، وهذا الأمر مستحيل الحدوث بالنسبة لفتياتنا المحكومات بقواعد الدين الإسلامي، وتقاليد المجتمع اليمني المحافظ الذي يمنع الاختلاط والاحتكاك بين الجنسين.
علاوة على ذلك ينبغي ألا ننسى أن اللاعب اليمني لم يحقق التفوق في يوم وليلة، بل إنه احتاج لسنوات طويلة واستعدادات مثلى لمجاراة نظرائهم في الدول العربية والتفوق عليهم.
أتذكر كلمات رئيسة الاتحاد العام لرياضة المرأة “نظمية عبدالسلام“ أثناء حديث ودي دار بيننا. بدت فيه متفائلة وهي تؤكد أن النتائج والإنجازات ستأتي لا محالة سواء غداً أو بعد غد، ينبغي ألا نستعجل. يكفي أننا استطعنا بأن نقنع أولياء الأمور بالموافقة على ممارسة بناتهن لمثل هذه اللعبة العنيفة، وهو أمر بدا مستحيلاً في واقعنا اليمني، لم تتجرأ أي دولة خليجية بما فيها تلك التي تصنف بأنها منفتحة الاقدام عليه.
بالنسبة لي شخصياً. لا تنقصني القناعة بأن الفتاة اليمنية خصوصاً في وقتنا الحاضر الذي ينعدم فيه الأمن الشخصي والمجتمعي، أحوج ما تكون لممارسة ومعرفة فنون مثل هذه الألعاب القتالية التي تجعلها قادرة على الدفاع عن نفسها، ولا أجد مبرراً منطقياً لأب يخاف على ابنته فيما هو يحرمها من ممارسة الرياضة التي قد تعطيها شيئاً من الشعور بالأمن الذاتي!!

ماتش


مقالات أخرى للكاتب

  • أعداء العيسي !!
  • أزمة ثقة !!!
  • جائزة العبث الرياضي

  • التعليقات

    إضافة تعليق